وفاء رجل في أحد الأيام تركَ رجلٌ زوجتهُ وأولادهُ قاصداً أرض معركة تدور رحاها علىَ أطراف البلاد وبعد إنتهاء الحرب وبينما هو عائد إلى بلده وأهله أُخبَرَ الرجل أن زوجتهُ مرضت بالجدري في غيابهِ فتشوه وجهها كثيراً جرّاء ذلك تلقى الرجل الخبرَ بصمتٍ وحزنٍ عميقينِ شديدينِ وفي اليوم التالي شاهدهُ رفاقهُ مغمض العينين فرثوا لحالهِ وعلموا حينها أنهُ لم يعد يبصر ورافقوه إلى منزلهِ أكمل بعد ذلكَ حياتهُ مع زوجتهُ وأولادهُ بشكلٍ طبيعي وبعد ما يقاربَ خمسةَ عشرَ سنةٍ توفيت زوجتهُ وحينها تفاجأ كلّ من حولهُ بأنهُ عادَ مبصراً وأدركوا أنهُ أغمضَ عينيهِ طيلة تلكَ الفترة كي لا يجرح مشاعر زوجتِه عند رؤيتُه لها تلكَ الإغماضة لم تكن من أجل الوقوفِ على صورةٍ جميلةٍ للزوجة وبالتالي تثبيتها في الذاكرةِ والاتكاء عليها كلما لزمَ الأمر لكنها من المحافظةِ على سلامة العلاقة الزوجية والحب والتقدير للمرأة التي وقفت بجانبه فحفظت بيته في غيابه وربت أولاده وهو عنهم بعيد ربما تكونُ تلكَ القصة مِنَ النوادر أو حتىَ مِنْ محض الخَيال ،لكنْ هل منا من أغمضَ عينهُ قليلاً عنْ عيوبَ الآخرين وأخطائهم كي لا يجرح مشاعرهمْ ؟؟ هل هناك من يجد لأخيه الأعذار كما بين النبي عليه الصلاة والسلام حينما قال: "جد لأخيك بضع وسبعون عذراً"؟ هل هناك من يستمع بحق وجدية لأخيه ويعتذر له إن كان مُحق فيسامح ويغفر؟ إذا كان هذا هو حالنا عند الخصام أو الجدال أو بيان الأعذار، إذن فلمن قال الله تعالى في كتابه الكريم: "فليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم"؟ ولمن قال أيضاً: "والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين"؟…. لنتخلق بهذا أيها الأخوة في جدالنا وخصوماتنا ولنجد لبعضنا الأعذار ولنتعامى عن هفوات أهلنا وأحبتنا وأصدقائنا فالنبي عليه الصلاة والسلام قال "خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره" لا أدري إذا لم نحسن أخلاقنا فبأي شيء ننال الجنة؟ إذا لم نغفر زلات أرحامنا وأصدقائنا فكيف نتوقع من الله الغفور الرحيم أن يغفر سيئاتنا وهي أمثال الجبال؟ يجب أن نتخلق بأخلاق رسولنا عليه الصلاة والسلام فكان يبتسم ولا يغضب ولم يضرب بيده قط لا امرأة ولا خادم وكان في مهنة أهله إذا لم نقتدي بمن أرسله الله رحمة للعالمين ونُرْغِم أنفسنا على الحلم والصفح ونعوّد حالنا الهدوء والأريحية فبمن نقتدي إذن؟ البخل المزموم قال علي رضي الله عنه: عجبت للبخيل يستعجل الفقر الذي منه هرب، ويفوته الغنى الذي إيّاه طلب؛ فيعيش في الدنيا عيش الفقراء، ويحاسب في الاخرة حساب الأغنياء! مرّ عمر بن عبيد بن معمر برجل يأكل عند بستان في المدينة المنورة، وبين يديه كلب، إذا أكل لقمة طرح له لقمة؛ فقال له: أهذا الكلب كلبك؟.. قال: لا، قال: فلماذا تطعمه مثلما تأكل؟ قال: إنّي أستحيي من ذي عينين ينظر إليّ أن أستبد بمأكول دونه، قال: أحر أنت أم عبد؟. قال: أنا عبد لبعض بني عاصم. . فاشترى عمر العبد والبستان، ثم جاءه وقال له: هل شعرت ان الله قد أعتقك؟ . قال: الحمد لله وحده، ولمن أعتقني بعده. قال: هذا البستان لك. قال: أشهد انه وقف على فقراء المدينة. قال: ويحك.. أتفعل هذا مع حاجتك؟!.. قال: إني أستحيي من الله أن يجود لي بشيء فأبخل به عليه. داعب بعض الظرفاء جاراً له معروفاً بالبخل؛ فقال له: ويلك.. منذ عشرين سنة وأنت جاري، فلم لم تدعني إلى بيتك؟ فقال: معاذ الله أن أفعل، لأني رأيتك مرة تأكل؛ فرأيت عجباً. رأيتك لا تحسن المضغ، وتسرع اللقمة، لقمة في فمك، وأخرى في يدك، وعينك في الثالثة! فأجابه: هل تريد أن أصلي بين اللقمة واللقمة ركعتين؟! دفع الرشيد إلى بعض ثقاته الف دينار وقال: أعطها لأشد الناس فقراً. فبحث الرجل حتى وجد فتى حليق الرأس في خرابة؛ فقال له: يا فتى.. خذ هذا المال فاستعن به. قال الفتى: لا حاجة لي فيهن ولكن هناك حجّام حلق راسين ولم يكن معي شيء أدفعه إليه. ذهب المبعوث للحجّام؛ فامتنع عن أخذ المال، وقال: ما حلقت رأسه إلا للثواب، فلا آخذ عليه أجرة. وعندما عاد الرجل للرشيد بعث بطلبهما فلم يجد أي منهما. وقف أعرابي على محمد بن معمّر، وكان جواداً، فسأله أن يعطيه شيئاً. فخلع خاتمه ودفعه إليه، وقال: يا أعرابي.. لا تُخدعن عن هذا الفص‘ فإن شراءه علي مئة دينار. فمضغ الأعرابي الخاتم، وقلع فصه، وقال: دونكه؛ فالفضة تكفيني أياماً. قال محمد: والله هذا أجود مني. |